خطبة الجمعة بعنوان : أيام العزة والنصر في الشهر الفضيل ، للشيخ كمال المهدي
خطبة الجمعة القادمة 23 أبريل 2021م بعنوان : أيام العزة والنصر في الشهر الفضيل ، للشيخ كمال المهدي، بتاريخ 11 رمضان 1442هـ ، الموافق 23 أبريل 2021م.
عناصر خطبة الجمعة القادمة 23 أبريل 2021م بعنوان : أيام العزة والنصر في الشهر الفضيل ، للشيخ كمال المهدي:
١- رمضان شهر الانتصارات .
٢- لماذا كانت الانتصارات في رمضان.
٣- رمضان شهر حركة وعمل لا شهر نوم وكسل.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 23 أبريل 2021م كما يلي:
خطبة الجمعة القادمة ١١ رمضــان ١٤٤٢ الموافق ٢٣ أبريل ٢٠٢١م بعنوان ( أيام العزة والنصر في الشهر الفضيل )
**
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد :-
أحبتي في الله :-
ما زلنا نعيش في ظل شهر رمضان المبارك شهر الصيام والقيام والقرآن وهو كذلك شهر الانتصارات، انْتِصَارَاتٌ غَيَّرَتْ مَجْرَى التَّارِيخِ، انْتِصَارَاتٌ أَرْسَتْ دَعَائِمَ الْأَمْنِ فِي الْأُمَّةِ الْإِسْلامِيَّةِ. فقد حقق الله جل وعلا العديد من الانتصارات للمسلمين في هذا الشهر الفضيل..
منها على سبيل المثال لا الحصر، (غزوة بدر الكبرى) في السابع عشر رمضان في السنة الثانية من الهـجرة، وقد انتهت بالنصر الباهر للمسلمين، وهي أول صدام حقيقي بين المسلمين وبين مشركي قريش،
قال رب العزة جل وعلا : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [آل عمران:١٢٣]
فلقد نصرالله جل وعلا المؤمنين، نصر الضعفاء القلَّة على أعدائهم رغم كثرة عددهم وعدتهم.
أحبتي في الله :إن هذه الغزوة العظيمة لهي حالة تستحق الدراسة، بل إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الجديرون بتلك الدراسة والتأمل، كيف استطاعوا أن يحققوا هذه المعادلة الصعبة ما بين صيام وعطش يمارسونه لأول مرة وبين حرب ضروس جمعت لها قريش حدها وحديدها من كل حدب وصوب.. ولكنه الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
** وفِي رَمَضَانَ كذلك كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ لِلْهِجْرَةِ، والموقف في فتح مكة مختلف عن بدر؛ ففي غزوة بدر كان الخروج في رمضان على غير اختيار المؤمنين؛ لأن القافلة المشركة بقيادة أبي سفيان جاءت في ذلك التوقيت فخرجوا لها، لكن الخروج في فتح مكة كان بتخطيط وتدبير من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن المؤمنين، كان من الممكن أن يُؤَخِّروا الخروج ثلاثة أسابيع فقط ليخرجوا في شوال بعد انتهاء رمضان، كان من الممكن أن يقول بعضهم: نستفيد بالصيام والقيام وقراءة القرآن، ونُؤَخِّر الجهاد.. لكن كل هذا لم يحدث.
** وفِي رَمَضَانَ كَانَتْ مَعْرَكَةُ الْقَادِسِيَّةِ بِقِيَادَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ.
**وفِي رَمَضانَ فُتِحَتْ بِلادُ الْأَنْدَلُسِ عَلَى يَدِ طَارِقِ بْنِ زِيَادٍ.
فِي رَمَضانَ وَقَعَتْ مَعْرَكَةُ حِطِّينَ وَالَّتِي اسْتَرَدَّ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ.
** فِي رَمَضانَ انْتَصَرَ الْمُسْلِمُونَ بِقِيَادَةِ “سَيْفِ الدِّينِ قُطُزَ” عَلَى التَّتَارِ فِي مَعْرَكَةِ عَيْنِ جَالُوتَ ، وكانت جيوش التتار تنتصر على جيوش المسلمين انتصارات متتالية بلا هزائم ولسنوات عديدة، مذابح من أبشع مذابح التاريخ، إبادة لكل ما هو حضاري، تدمير لكل شيء في البلاد الإسلامية ، سنوات وصل المسلمون فيها إلى أدنى درجات الذل والهوان، ثم تغيَّر الوضع، وعادت الكرامة والعزة للمسلمين مرة أخرى في رمضان ، وليس كأي انتصار؛ لقد فني جيش التتار بكامله.
** فِي رَمَضانَ فُتِحَتِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ عَلَى يَدِ مُحَمَّدٍ الْفَاتِحِ.
** وفي رمضان كانت حرب التحرير العظيمة التي حدثت في العاشر من رمضان، التي اشتهرت بحرب السادس من أكتوبر سنة 1973م، فتحررت سيناء، وهو انتصار مجيد؛ فالحواجز التي عبرها الجيش المصري تدخل في عداد المعجزات العسكرية، فالروح الإيمانية كانت مرتفعة عند الجيش وعند الشعب، فكانت النزعة والتربية الإسلامية في الجيش ملموسة وواضحة، ونداء (الله أكبر) كان يخرج من قلب كل مسلم، والوحدة الإسلامية كانت في أبهى صورها.
أحبتي في الله :- لقد ارتبط شهر رمضان بالجهاد بشكل لافت للنظر، حتى آيات الصيام في سورة البقرة بدايةً من قول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) [البقرة: ١٨٣] إلى آخر الآيات. تنتهي في ربع من القرآن، ثم يبتدئ ربع جديد، وثاني آية فيه تتحدَّث عن الجهاد والقتال، وهي آيات كثيرة تحضُّ على الجهاد، يقول ربنا عز وجل: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ)[البقرة: ١٩٠_١٩٣].
آيات تحضُّ على الجهاد والقتال بشدَّة، والعلاقة واضحة بينها وبين آيات الصيام؛ فالإعداد للجهاد هو إعداد للنفس، إعداد للجسد، إعداد للأمة كلها.. العلاقة بين الصيام والجهاد وثيقة جدًّا؛ فالتاريخ الإسلامي يؤكد هذا الارتباط..
** ولسائل أن يسأل لماذا كان النصر في رمضان؟
أقول لأن شهر رمضان يتحقق فيه التقوى والدعاء قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:١٨٣] .
فالصيام من أكبر أسباب التقوى؛ لأن فيه امتثال لأمر الله تعالى واجتناب نواهيه. وإذا تحققت التقوى كان الفرج من كل ضيق وهذا وعد من الله تعالى قال جل وعلا (ومن يتق الله يجعل له مخرجا)[الطلاق:٢]
** ورمضان كذلك شهر الدعاء فالمتأمل يجد أن آية الدعاء جاءت وسط آيات الصيام وهي قول الله تعالى :(إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)[البقرة:١٨٦]
والدعاء من أهم أسباب النصر مع إعداد العدة ففي غزوة بدر يقول عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ»، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ:(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [ الأنفال: ٩] فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ، وأيده بنصره. أحبتي في الله: إن شهر رمضان شهر الحركة والجهاد… جهاد العدو وجهاد النفس وليس شهر كسل ونوم كما نرى فإنه للأسف الشديد نلحظ في بعض المسلمين حالة غريبة من تضييع الحقوق في رمضان، والتملص من أداء الواجبات، والهروب من المسؤوليات، بحجة الصيام، ومقولة: “إني امرؤ صائم” صارت فزَّاعة يشهرها كل طالب أو موظف أو رب أسرة أو داعية متكاسل يود الهروب مما هو مكلف بأدائه من حق دراسته أو وظيفته أو أسرته أو دعوته، وتحول شهر الصيام في حس الكثيرين من شهر انتصارات إلى شهر انتكاسات، يُنام نهاره دفعًا للشعور بالجوع والعطش، ويسهر ليله على المعاصي استعدادًا للنوم في النهار. ومن هنا ضاعت الأمة وأصابتنا الذلة بعد أن كنا أعزة وذلك لما ابتعدنا عن منهج ربنا وسنة نبينا وصدق القائل :-
مَلَكْنَا هَذِهِ الدُّنْيَا الْقُرُونَا *
وَأَخْضَعَهَا جُدُودٌ خَالِدُونَا..
وَسَطَّرْنَا صَحَائِفَ مِنْ ضِيَاءٍ *
فَمَا نَسِيَ الزَّمَانُ وَلاَ نَسِينَا..
فَمَا فَتِئَ الزَّمَانُ يَدُورُ حَتَّى *
مَضَى بِالْمَجْدِ قَوْمٌ آخَرُونَ..
وَأَصْبَحَ لَا يُرَى فِي الرَّكْبِ *
قَوْمِي وَقَدْ عَاشُوا أَئِمَّتَهُ سِنِينَ..
وَآلَمَنِي وَآلَمَ كُلَّ حُرٍّ *
سُؤَالُ الدَّهْرِ أَيْنَ الْمُسْلِمُونَ؟!
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وأن يوفقنا لصالح الأعمال.
وأن يؤيدنا بنصره.
***
كتبه:- الشيخ/ كمال السيد محمود محمد المهدي.
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف